اعتدت ان اطلق العنان ليدي كي تقول ما اريد فعلا ان اقوله وتسطره على شاشة الحاسوب واعتدت ايضا ان اعيد قراءة ما كتبت مرارا ولكني لم اعتد ابدا على تلك المرات القليلة التي تدهشني فيها يدي بوقاحتها وقدرتها على السخرية من افكاري ومعتقداتي
اعزف على اوتار الجروح انغاما لا تنسجم الا مع الامي, ارتبها وانظمها مع دقات القلب حينا وحينا مع صوت قطرات الماء المتسرب من السقف الى انائي المعدني الصغير وسط غرفتي القديمة. اغير مكان المرآة الوحيدة كي لا ارى انعكاس منظر الجدار الفارغ الذي يذكرني دائما باني اردت يوما ان ارسم لوحة مليئة بألوان زاهية كالحلم وأنني قد جلبت الاطار الخشبي واحضرت الفراشي والاصباغ ونسيت الحلم
السرير بوابة النجوم ياتي بنا الى هذا العالم وياخذنا ايضا الى عوالم من النشوة والسعادة, وعليه نعيش احلى احلامنا واسوأ كوابيسنا ونفكر ايضا بسعادتنا وحياتنا وهمومنا وكل شيء له صلة بنا نحن فقط وبوابة الزمن هذه التي اتت بنا الى هذا العالم عادة ما تكون هي الطريق ايضا الى لمغادرته
تذهب بي الاحلام وانعكاسات المرايا نحو دوامات الحنين ودهاليز الغربة, وكانني في زمن غير زمنك ومكان لم اكن فيه يوما اتلفت بحثا عنك وطنا يؤيني ويحتضن احلامي المجنونة, وطنا على صدره ابكي الفراق واتنفس الحب, اليس حلما كانه الهم فلماذا إذا أراه بعيد المنال؟
غيوم سوداء تحتل السماء الواسعة وتحيلها ارضا جرداء معلقة كالخيمة من الافق الى الافق. تهب نسمات الحنين وهي تحمل الاوراق المصفرة لترسلها في دوامات نحو وديان الغربة
اغلق فمي واصمت واحدق في يدي علها وحدها تستطيع الكتابة عني وعن كل الذين يعتقدون انني ساتحدث عنهم بالنيابة لكن يدي الجامدة لا تحرك ساكنا ولا تعير انتباها لي او لكل العاتبين على صمتي.
تململ بجسده النحيل وهو جالس على كرسيه الخشبي المعهود نفسه و نظر الى الشارع الممتد ابعد مما تستطيع عيناه الكليلة ان ترى ثم عاد الى السيارة المتوقفه امامه ممتعظا لانها تحجب عنه رؤية الاطفال وهم يلعبون في الحديقة عبر الشارع وقد علا صياحهم وصخبهم فاكتفى بالتمعن بذلك الكهل الضخم الجالس امامه على الكرسي محاولا معرفته للحظات قبل ان يدرك انه ليس الا انعكاس صورته المشوهة على زجاج السيارة
أخفيتها في خزانة ذهبية ونثرت عليها غبار الزمن كي تنطمس اثاري وتنسى وعندما استيقظت عرفت ان ذلك كان حلما فلم يكن لي يوما خزانة من ذهب ولا استطعت ان اخفي حبها الازلي في قلبي.
أتى الليل ومعه وسائد الحلم ونجيمات زينت سواد عباءته تبتسم من بعيد لعيون العاشقين. اتى الليل وابحرت في بحر الهموم سفينتي. اتى الليل ليسقيني من برد وحدته المريرة كؤوسا سيضاع عدها. أتى الليل ونثر بذور نهار جديد لن ينتهي الا بليل اجمل واكثر سوادا وحزنا واكبر سنا.
سألتها هل اعتقك الحب ام سباك ؟ فصمتت وتركتني في ميناء الحيرة انتظر ريحا مؤاتية كي ابحر في بحر هدوئها من جديد. فاضفت إن كان قد أعتقك فمما وانت الاميرة؟ وان كان قد سباك فلم المكابرة؟
افتح عيني ولا ارى سوى الجدار الابيض, مساحات من الفرص العذراء, لكن الجدار اللعين في سقف الغرفة بعيد وانا فوق البلاط البارد وهيهات ان اصل اليه كي الونه وارسم عليه احلامي. اعود واغمض عيني من جديد لافتح شباكي الواسع ومن بعده الطريق والحشائش والمطر وشمس شتاء خجلى تظهر وتختبي خلف غيوم بيضاء وعيون محبه ترحب بي من جديد في حضن الحياة التي اتمنى.
شرائط الحرير الملونة تتراقص في فضاء الحب تطير وترسم أكاليلا وهالات وشباكا كأمواج تغفو بلطف على اطراف السرير ويد رائعة تسرحها وتلاعبها وتمزجها كي تصبح حلما ورديا اسمه اللقاء
ظلال الحلم الوردي تاخذني بعيدا عن همومي وتجلسني قرب النبع وتهدهدني كطفل يتيم يُنتظر بفارغ الصبر كي يكبر ومع الزمن يُنسى يتمه وتنزوي مشاعره المرهفة تحت رداء كبرياء رجل تقف شامخة كخيمة عالية تخفي تحتها الظلال والحنين والحلم وتجعل الدنيا تدور حولها كمحور الاوهام والهموم والكدر.
فرشاتي تهمس الفرح على لوحة الاحزان الداكنة وتنتشل الامل من بحر اليأس المجنون ترسم التلال والوديان وتلون الهموم فراشات تطير في سلاسة على رؤوس اوراق الشجر, تصبو الى الرحيق وتنشر الزهو والجمال والسعادة.